تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية
قالت إن أحداث طرابلس الدموية أبرزت «تقاعس الأطراف الأمنية عن الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان»
قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إحاطة حول الوضع في ليبيا، تطرقت في مستهلها إلى اجتماع لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، المنبثقة عن مسار برلين في مدينة برلين، برعاية كل من ألمانيا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك في أول لقاء ينعقد بعد انقطاع دام لأربع سنوات. مشيرة إلى أن هذا الاجتماع «شكل خطوة كبيرة نحو إعادة إحياء التنسيق الدولي بشأن ليبيا، وحشد الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة، الرامية لإحراز تقدم في العملية السياسية»، ومع ذلك فإن جل الليبيين «فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية»، بحسب تعبيرها.

وأشادت تيتيه بجهود جميع أعضاء لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا في التزامهم بدعم جهود البعثة لإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة، وأيضاً في «مشاركتهم البنّاءة»، ودعوتهم لبذل الجهود من أجل تعزيز الهدنة القائمة في الوقت الحالي في طرابلس. وكذا إشادتهم بعمل اللجنة الاستشارية، الذي تناول تحديد مسارات قابلة للتطبيق لمعالجة المسائل الخلافية، التي يمكن أن تعوق الجهود الرامية إلى وضع خريطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات. إضافة إلى دعمهم لمجموعات العمل الأربع، المعنية بالسياسة والاقتصاد والأمن وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مجمعين في ذلك على عقد لقاءات دورية من أجل تنسيق الدعم الدولي، وتوجيهه دعماً لعملية سياسية بتيسير من الأمم المتحدة.
دعوة لتجنب العنف
في سياق حديثها عن الأوضاع الأمنية في طرابلس بعد الاشتباكات الأخيرة، أوضحت تيتيه أنه بمجرد انتهاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس، كثفت البعثة تواصلها مع حكومة الوحدة الوطنية، والأطراف السياسية والأمنية الرئيسية، وكذلك القيادات المجتمعية، وشيوخ القبائل والأعيان وممثلي المجتمع المدني والدول الأعضاء المؤثرة على الأرض بهدف درء مزيد من أعمال العنف، والحفاظ على الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها في 14 من مايو (أيار) الماضي، وإعداد آليات لتيسير تهدئة التوترات بهدف الحيلولة دون نشوب المزيد من أعمال العنف، وضمان حماية المدنيين.

وفي هذا السياق، ذكرت تيتيه قيام المجلس الرئاسي في 18 من مايو الماضي، بدعم من البعثة، بإنشاء لجنة الهدنة، التي تتألف من أطراف أمنية رئيسية، أنيطت بها مهمة رصد الالتزام بالهدنة، وتيسير وقف دائم لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين. وتبع ذلك في 4 من يونيو (حزيران) الحالي تشكيل لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية المؤقتة، برعاية المجلس الرئاسي، لتتولى مهمة تنفيذ التدابير الهيكلية للحفاظ على السلام، وإعادة تنظيم القوات في العاصمة. كما جرى نشر قوات فض الاشتباك في المناطق المتأثرة، وقد أفضت التهدئة إلى انسحاب القوات الرئيسية المدججة بالسلاح من شوارع طرابلس في 11 يونيو، واستعيض عنها بقوات الشرطة والجيش.
لكن رغم كل هذا الجهود، «ما تزال الهشاشة تشوب هذه الهدنة، وما يزال التكهن بالوضع الأمني العام، كما نراه، غير ممكن»، حسب تعبير تيتيه.
مسؤولية الأطراف الأمنية
أكدت تيتيه أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في طرابلس في شهر مايو الماضي تسببت في إزهاق أرواح المدنيين، وإصابات بين صفوفهم، والإضرار بالمنشآت المدنية الحيوية، بما في ذلك المشافي والجامعات وأحد السجون. ونتيجة لذلك تكررت المناشدات لتجنب مزيد من الإصابات، لكن لم يتم تأمين ممرات إنسانية من جانب أطراف النزاع.

تقول تيتيه: «لقد أبرزت هذه الأحداث تقاعس الأطراف الأمنية التابعة للدولة عن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث أعقبت هذه الاشتباكات تظاهرات مستمرة. وقد هالني بالأخص العثور على مقابر جماعية في منطقة أبو سليم. وفي الأدلة التي تكشفت إشارات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال القتل خارج إطار القانون، والتعذيب والاختفاء القسري، التي يُزعم ارتكابها من جانب أطراف أمنية تابعة للدولة، لا سيما جهاز دعم الاستقرار». مشيرة في هذا السياق إلى أن وجود أشلاء متفحمة، وجثث مجهولة الهوية في المشارح، وموقع يشتبه في استخدامه كمركز احتجاز غير رسمي في حديقة الحيوان في منطقة أبو سليم، يعكس حجم هذه الانتهاكات وفداحتها. وهذه الأحداث تؤكد الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات أمنية قائمة على حقوق الإنسان».
مخاوف من عودة الاشتباكات
بخصوص التقارير التي تتحدث عن تحشيدات مستمرة، وتخوف العديد من الليبيين من احتمال تجدد اندلاع الاشتباكات المسلحة، أوضحت تيتيه أن هناك تخوفات متزايدة بأن انعدام الاستقرار سوف يستقطب الأطراف الأمنية في شرق البلاد، ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020، وهو ما يستدعي بحسب تعبير تيتيه، ضرورة إصلاح القطاع الأمني، فضلاً عن الحاجة إلى مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة تتحلى بالمهنية. وفي هذا السياق أكدت أن البعثة سوف تواصل العمل على إحراز تقدم في المسار الأمني، بالتعاون مع الأطراف المعنية الرئيسية. وحثت الأطراف السياسية والأمنية كافة على الامتناع عن التصريحات والأفعال الاستفزازية، التي من شأنها تعميق انعدام الثقة، وتقويض كل الجهود التي تُبذل لخفض التصعيد من أجل الحفاظ على الهدنة الهشة، «لأن هذا ليس وقت الدفع نحو الهاوية والإجراءات الأحادية، وهناك حاجة ماسة إلى التحلي بالحكمة».
مسلسل المشاورات
حول سلسلة المشاورات، التي أطلقتها البعثة على مستوى البلاد حول الخيارات المقترحة من اللجنة الاستشارية، أوضحت تيتيه في كلمتها أن هذه المشاورات تهدف إلى تيسير نقاش عام شامل للجميع على مستوى البلاد حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي، وجمع آراء الليبيين حول الخيارات الأربعة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية، وذكّرت في هذا السياق بالتواصل مع القادة السياسيين والأمنيين الرئيسيين، ولقاء البعثة بممثلين عن البلديات والأحزاب السياسية، والشيوخ والأعيان والمجالس الاجتماعية، وأعضاء المجتمع المدني والشباب والمرأة، وكذا المكونات الثقافية واللغوية والأشخاص ذوي الإعاقة. كما أطلق في وقت سابق من هذا الشهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت للوصول إلى الجمهور الليبي الأوسع، وسيستمر حتى نهاية شهر يونيو الحالي. كما ستُجرى المزيد من المشاورات لتوسيع نطاق التواصل بشكل أكبر.

تقول تيتيه: «من خلال ما جرى التعبير عنه من خلفيات ووجهات نظر سياسية متنوعة، ظهرت حتى الآن رسالة واضحة وموحدة: الكثير من الليبيين يشعرون بخيبة أمل عميقة إزاء الفترات الانتقالية المطولة، وفقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية، معربين عن شكوكهم إزاء استعداد هؤلاء لوضع المصالح الوطنية فوق مصالحهم الخاصة»، مؤكدة أن هناك «رغبة قوية في عملية سياسية تُعزز مشاركة الشعب، وتتيح لهم الفرصة لانتخاب قادتهم، وتُفضي إلى حكومة ذات تفويض واضح، يتيح الفرصة لتغيير حقيقي وملموس. هم يطمحون إلى تجديد تفويض السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإلى حكومة واحدة ومؤسسات موحدة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية. ويريدون، أكثر من أي شيء آخر، حكومة خاضعة للمساءلة تُعيد الشرعية وتعكس إرادة الشعب. وسيشكّل ما تخرج به هذه المشاورات أساساً لصياغة خريطة طريق توافقية نحو انتخابات وطنية وإعادة توحيد المؤسسات».
وأضافت تيتيه أن البعثة تعتزم تقديم خريطة طريق مُحددة زمنياً، وعملية سياسية تعكس مطلب الشعب الليبي بتغيير ملموس، بهدف إنهاء العمليات الانتقالية. وآمل عرض خريطة الطريق هذه على مجلس الأمن للمصادقة عليها خلال إحاطتي القادمة.
"); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-3341368-4'); }); }
Latest Aaswsat (arabic)
- خمسة ملايين دولار مكافأة للعثور على أميركي مختطف بأفغانستانأعلنت الولايات المتحدة، أنها عرضت مكافأة تصل إلى خمسة ملايين دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى تحديد موقع أميركي مختطف في أفغانستان منذ العام 2022.
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض «مسيرتين» أطلقتا «على الأرجح» من إيرانأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، اعتراض طائرتين مسيرتين أطلقتا «على الأرجح» من إيران كانتا في طريقهما إلى إسرائيل.
- نيمار يجدد عقده مع سانتوس حتى نهاية العامجدد النجم البرازيلي نيمار، الثلاثاء، عقده مع ناديه سانتوس حتى نهاية العام الحالي.
- ياسر عابدي إلى نيوم قادماً من الفيحاء بعقد 4 أعوامقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن نادي نيوم وقع عقداً احترافياً مع اللاعب ياسر عابدي لمدة أربعة مواسم قادماً من نادي الفيحاء.
- أربعة نجوم على أبواب الرحيل عن آرسناللا يزال آرسنال لم يُبرم أي صفقة في سوق الانتقالات الصيفية حتى الآن، ما يُلقي بمزيد من المسؤوليات على عاتق المدير الرياضي أندريا بيرتا.
- تقرير: واشنطن ستمنح «مؤسسة غزة الإنسانية» 30 مليون دولارستقدم الولايات المتحدة 30 مليون دولار لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» المثيرة للجدل التي تقدم مساعدات في القطاع الذي مزقته الحرب.