في العيد الثالث للحرب… السودانيون ضحايا أم مضحون؟
تتلمس العاصمة الليبية طريقها للخلاص و«التحرر» من التشكيلات المسلحة، بعد قرار السلطة التنفيذية في طرابلس ضرورة إنهاء المظاهر المسلحة بالمدينة، التي تشهد اشتباكات من وقت إلى آخر.
وكان عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلّف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، قد دعا خلال اجتماع للحكومة، الأسبوع الماضي، إلى حلّ الأجهزة والتشكيلات المسلحة كافة، بما في ذلك تلك التابعة للحكومة، أو المجلس الرئاسي.

اقتراح الطرابلسي، الذي وصفه بأنه «حلّ نهائي» لمشاكل العاصمة طرابلس، تبنّاه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي أعلن على الفور استعداده للتوقيع على أي قرار يتضمن حلّ أي تشكيلات خارجة عن سلطة وزارتي الدفاع والداخلية في حكومته. كما تعهد الدبيبة بمخاطبة المجلس الرئاسي بشأن حلّ الأجهزة الأمنية التابعة له، مشيراً إلى أن القرارات والترتيبات المتعلقة بمشروع حكومته «هي لبناء الدولة والقضاء على الميليشيات».
وأثار توجه الطرابلسي والدبيبة لحلّ التشكيلات المسلحة جدلاً واسعاً حول أهدافه، وفرص تحقيقه، ودلالات توقيته، خاصة في ظل الخصومة الراهنة بين رئيس الحكومة وبعض قادة التشكيلات، وعلى رأسها «جهاز الردع».
تدمير «جهاز الردع»
الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، عبّر عن قناعته بأن «الهدف الواضح من هذا الطرح هو تدمير (جهاز الردع) فقط، وليس الرغبة الفعلية في تخليص العاصمة من هيمنة الميليشيات».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وصف حرشاوي قدرة حكومة «الوحدة الوطنية» على حلّ الميليشيات سلمياً بأنها «شبه معدومة»، مشيراً إلى أن حلّ جهاز «دعم الاستقرار» منتصف الشهر الماضي جاء عبر «عملية إعدام خارج القانون لرئيسه عبد الغني الككلي»، وأن تفكيك بعض الكتائب الكبرى بالعاصمة، مثل «كتيبة النواصي»، تم منذ نحو ثلاث سنوات عبر «مواجهات مسلحة عنيفة».

وقلّل الباحث المتخصص في الشأن الليبي من جدية دعوات الطرابلسي، مذكّراً بكثرة تعهداته منذ قرابة عام بخصوص «عودة التشكيلات المسلحة إلى ثكناتها ومقراتها خارج العاصمة»، وهو وعد لم يتحقق منه شيء على حد قوله. وتساءل حرشاوي عن مصير «بعض التشكيلات التي تصطف إلى جانب حكومة (الوحدة) في المرحلة الراهنة، وفي مقدمتها قوة العمليات المشتركة المتمركزة في مصراتة، التي يتحدر منها الدبيبة»، وعما إذا كانت ستُشمل بقرار الحل أم لا؟
وشهدت طرابلس، الشهر الماضي، عقب اغتيال الككلي، مواجهات مسلحة بين قوات تابعة لحكومة «الوحدة» و«قوات الردع» وموالين له، أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
عراقيل التنفيذ
رغم أن المقترح يُظهر نية لتفكيك التشكيلات المسلحة، فإن مراقبين لفتوا إلى وجود عدد من العوامل التي قد تحول دون تنفيذه، فضلاً عن شكوك في أهدافه الحقيقية، خصوصاً مع الاتهامات الموجهة للحكومة بالسعي لتصفية خصومها فقط.

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي محمد محفوظ أن «حالة الاحتقان الراهنة في العاصمة، بعد ما شهدته من توترات أمنية، قد تعوق بدرجة كبيرة فرص تطبيق سياسات أمنية فعالة، رغم مطالبات الليبيين المستمرة منذ سنوات، وفي مقدمتها حلّ الميليشيات مع ضمان فرص عمل لمنتسبيها».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أشار محفوظ إلى وجود تباين في الرؤى بين المجلس الرئاسي والحكومة بشأن الترتيبات الأمنية للعاصمة. وأوضح أن المنفي أصدر مؤخراً قراراً بتشكيل لجنة للترتيبات الأمنية والعسكرية في طرابلس، تضم ممثلين عن وزارتي الدفاع والداخلية بحكومة «الوحدة»، إلى جانب ممثل عن جهاز «الردع» الذي أمر الدبيبة بحلّه.
وأضاف محفوظ موضحاً أن «بيان المجلس الرئاسي تحدّث فقط عن ضمان إخلاء المدينة من كل المظاهر المسلحة، دون الإشارة بأي شكل إلى حلّ الميليشيات. وقد تم الترحيب بهذا القرار من مختلف الأطراف».
وأكد بيان «الرئاسي» أن قرار تشكيل «اللجنة المؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية» جاء استناداً إلى «ما عرضه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وما تقتضيه متطلبات المرحلة من إجراءات لترسيخ الأمن والاستقرار في العاصمة طرابلس».
وفسّرت بعض الأصوات السياسية هذا القرار بأنه تراجع تكتيكي يهدف إلى تجنيب العاصمة جولة جديدة من المواجهات المسلحة بين قوات حكومة «الوحدة» وقوات «الردع».

ويُعد ملف الاتهامات الموجهة لقادة وعناصر الأجهزة المسلحة، بشأن ارتكاب انتهاكات وجرائم تعذيب وقتل، وضلوعها في تهريب البشر والوقود، عائقاً إضافياً، وبهذا الخصوص يرى محفوظ «ضرورة معالجة هذه القضايا قبل الحديث عن دمج العناصر في المؤسستين الأمنية والعسكرية». وقال إن «الأمر ليس عشوائياً، بل يحتاج إلى خطط تنظيمية؛ فهناك آلاف العناصر المنضوية تحت تلك التشكيلات، والحل المنطقي هو دمجها بالمؤسسات الرسمية»، لافتاً إلى ضرورة الفصل بين من تُوجّه لهم اتهامات، وهم في الغالب قيادات الصف الأول والثاني، وبين بقية العناصر التي انضمت بدافع تأمين سبل معيشتهم.
من جانبه، انتقد وزير الدفاع الأسبق، محمد البرغثي، ما وصفه بـ«التهوين في التعاطي مع ملف حلّ الميليشيات». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطرح المقدم من الطرابلسي تغافل الإجابة على تساؤلات جوهرية، مثل مصير ترسانة السلاح لدى كل ميليشيا، ومدى تغلغل هذه المجموعات في النسيج الاجتماعي، وتكوينها حواضن شعبية في مناطق تمركزها ببعض مدن الغرب الليبي»؛ مشيراً إلى أن «سيطرة تلك الميليشيات على مؤسسات أو معابر استراتيجية لسنوات، جعل منها ذراعاً اقتصادية يتربّح منها بعض السكان، إضافة إلى اعتبارها ذراعاً عسكرية لبعض القبائل، مما ينذر باعتراضات مجتمعية على قرار الحل».
وحذّر البرغثي من أن «الحديث عن دمج عناصر الميليشيات، دون الالتزام بالخطط المعروفة للتسريح وإعادة الدمج، وشروط الالتحاق بالمؤسسة العسكرية من حيث المؤهل الدراسي، والتدريب والانضباط؛ يعني محاولة إجهاض تلك المؤسسة بدلاً من تقويتها».
Latest Aaswsat (arabic)
- حضور مصري لافت في «موازين»: شيرين وحماقي وروبي على المسرح المغربيتُعدّ الدورة الـ20 من المهرجان، الثانية بعد توقّف فعالياته منذ عام 2019، بالتزامن مع انتشار وباء «كورونا» آنذاك، وعودته العام الماضي في دورته الـ19.
- سينر: مواجهة ألكاراس ممتعة وغير ممتعة!قال الإيطالي يانيك سينر إن النهائي الضخم الذي سيخوضه في بطولة فرنسا المفتوحة للتنس أمام الإسباني كارلوس ألكاراس سيكون «ممتعاً، وليس ممتعاً أيضاً».
- إيطاليا تخشى عدم الصعود للمونديال مرة أخرىلم تكن بداية حملة إيطاليا للتأهل لكأس العالم على ما يرام، وتشعر البلاد فعلاً بالقلق بشأن الاحتمال الصادم المتمثل في الفشل بالوصول إلى نهائيات البطولة.
- مصر: الدولار متراجع… لكن الأسعار لا تكترثرغم تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري مقارنة بالأرقام المسجلة قبل نحو شهرين، فإن هذا التراجع لا يبدو واضحاً في أسعار السلع التي لم تشهد أي انخفاض ملحوظ.
- مونديال الأندية: «فيفا» يعلن ابتكارات تقنية جديدةأعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الجمعة، أن «ابتكارات» عدة، بينها نظام كشف التسلل شبه الآلي باستخدام الذكاء الاصطناعي، سيتم اختبارها بكأس العالم للأندية.
- إسرائيل توسّع تجربة الميليشيات في غزة بديلاً لـ «حماس»إسرائيل تخطط لتوسيع سيطرة الميليشيات على قطاع غزة على أمل تقصير أيام حكم «حماس». وهو مؤشر مهم على إصرار نتنياهو على استبعاد عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة.